الفصل العاشر: معارك أدبية؛ بين الدكتورين هيكل وطه حسين
تاريخ طويل من العمل السياسي بين هكيل وطه فقد عملا معا في حزب الأحرار الدستوريين وجريدة السياسة منذ صدورها عام ١٩٢٢ حتى انفصلا عام ١٩٣٣, عندما ترك طه حزب الأحرار, وانضم للوفد, وبدأ يكتب في جريدة الكوكب, ثم استمرت الصلة بالرغم من اختلاف طه حسين مع الوفد وهيكل مع الأحرار حتى كانت ١٩٤٦, حينما عاد الأحرار إلى الحكم مع السعديين, وما وقع لطه حسين من أزمة اضطرته للسفر إلى أوربا, وأن يبقى هناك فترة, وأن يوجه من هناك عديدا من الرسائل إلى خصوم اليوم وأصدقاء الأمس ومنهم الدكتور هيكل, ثم عودة طه حسين بعد ذلك وبقاء الخصومة بينهما، ثم ما كان من تولي طه حسين منبر وزير المعارف في عهد حكومة الوفد عام ١٩٥٠ ثم زالت الخصومة بينهما، ثم زالت الخصومة بعد الثورة, وكتب طه حسين نقدا لقصة هيكل الأخيرة "هكذا خلقت" قبيل وفاة هيكل, والواقع أن طه وهيكل كانا في السياسة كفرسي رهان، يتقارضان الثناء والنقد في كل مناسبة، ولكنهما عندما اختلفا لم يختلفا إلا في أمر جد خطير، كان ذلك حين تحول هيكل من الإعجاب بالحضارة الغربية إلى نقمة عليها ومقاومة حركة التغريب ومهاجمة المستشرقين والمبشرين الذين غضوا من تراثنا وكياننا، وكانت كتاباته عن محمد والإمبراطورية الإسلامية مقدمة هذا التحول، وهذه نماذج من المعارك الأدبية بين هيكل وطه حول كتاب هيكل "جان جاك روسو" و"ثورة الأدب" ثم صورة من خطابات طه المجهولة إلى هيكل إبان الأزمة.
١- جان جاك روسو؛ نقد طه حسين:
"يجب أن يكون هيكل شديد الالتواء على النقاد, مسرف في ازدراء القراء غاليا في الاقتناع بأنه وحده موفق للخير حين يفكر وحين يعمل, فقد أذكر أني تناولت الجزء الأول من كتابه حين ظهر في سنة ١٩٢١ فقرأته بعد مشقة وكنت انتظر الجزء الثاني من كتابه لأثني ثناء خالصا من كل عيب، ولكني أعترف بأني أحسست شيئًا كثيرًا مما يسمونه خيبة الأمل حين انتهى إلى هذا الكتاب, ذلك أني رأيت صاحب هذه المرة كما رأيته في هذه