حمل الدكتور طه حسين لواء الدعوة إلى "النزعة اليونانية" وقال: إن الناس في الشرق والغرب وفي جميع الأجيال مدينون لثقافة اليونان. وقال فيما قال:"إن عقلية مصر عقلية يونانية". وقال عام ١٩٢٥ في مقال بعنوان "بين الشرق والغرب": نعتقد ونظن أن غيرنا من مؤرخي الفلسفة المحدثين يعتقد أيضا أنه لم يكن للشرق في تكوين الفلسفة اليونانية والعقل اليوناني والسياسة اليونانية تأثيرًا يذكر وإنما كان تأثير الشرق في اليونان تأثيرًا عمليا ماديا ليس غير ... "، وهو بهذا ينكر فضل الأثر المصري القديم ويجعل الثقافة العربية تابعة لثقافة اليونان متأثرة بها وقد أورد طه حسين هذا الرأي في كتابه "قادة الفكر" ١٩٢٦ ثم عاد وردده في مقالاته بالهلال "مجلد ٣٩" ثم توسع فيه في كتابه مستقبل الثقافة.
وقد لقي هذا الرأي معارضة من كثير من الكتاب أمثال شكيب أرسلان وزكي مبارك.
طه حسين بين الشرق والغرب:
مجلد ٣٣ الهلال:
يجب أن نلاحظ أن العقل الإنساني ظهر في العصر القديم بمظهرين مختلفين أحدهما يوناني خالص هو الذي انتصر وهو الذي يسيطر على الحياة الإنسانية إلى اليوم وإلى آخر الدهر، والآخر شرقي انهزم مرات أمام المظهر اليوناني وهو الآن يلقي السلاح ويسلم للمظهر اليوناني تسليمًا تامًا.
بينما نجد العقل اليوناني يسلك في فهم الطبيعة وتفسيرها هذا المسلك الفلسفي الخصيب الذي نشأ عنه فلسفة سقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس ثم فلسفة ديكارت وكانت وكونت وهيجل وسبنسر نجد العقل الشرقي يذهب مذهبا دينيا خالصا في فهم الطبيعة وتفسيرها فلم يستطع العقل الشرقي أن يظهر شخصية فلسفية قوية في فهم العالم وتفسيره وإنما خضع للكهان في عصوره الأولى وللديانات السماوية في عصوره الراقية.