التراث الشرقي؛ يكفي أو لا يكفي؟: بين عبد الرحمن الرافعي وعباس محمود العقاد
"هل يكفي التراث الشرقي لنضج الحياة العقلية عند الشرقيين؟ ":
هذه مساجلة هادئة بين عبد الرحمن الرافعي وعباس محمود العقاد حول "كفاية" التراث الشرقي لنضج الحياة العقلية عند الشرقيين. أخذ فيها الرافعي جانب قصور التراث الشرقي وضرورة الترجمة وأخذ العقاد جانب كفاية التراث الشرقي.
عبد الرحمن الرافعي ١:
التراث الشرقي في العلوم والآداب والفنون، هو ولا شك تراث مجيد ولكنه مع ذلك لا يكفي لنضج الحياة العقلية الحديثة عند الشرقيين, بل يجب لكي يصل هذا النضج إلى مداه من التقدم أن يجمع إلى التراث الشرقي خير ما أنتجته وتنتجه القرائح والعقل البشري في الغرب ولا غضاضة علينا في ذلك؛ فإن الأمم الأوروبية نفسها وهي التي تم نضج الحياة العقلية فيها، لا تفتأ كل منها تقتبس عن أية أمة أخرى في الغرب أن الشرق ما يظهر فيها من مستحدثات التجارب والاكتشافات والمذاهب العلمية. ولذلك قالوا: إن العلم لا وطن له وإن كان العالم له وطنه.
ومما لا شك فيه أنه منذ الفتح العثماني لمصر سنة ١٥١٧ قد وقفت حركة التقدم تماما فكسرت العلوم وانحط الأدب وجهدت القرائح وتراجعت العقول وانقضت نحو ثلاثة قرون والشرق في تأخر من الناحية العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. بينما الغرب قد أخذ بأسباب الحياة والنهوض فسبق الشرق عدة قرون من النضج العقلي، فبديهي أنه عندما ابتدأ الشرق يستفيق