من سباته العميق في نهاية القرن الثامن عشر كان لا بد أن يقتبس من الغرب ما سبقه إليه في خلال القرون المتعاقبة.
ولم يتردد الغرب حين بدأ عهده بالبعث والنهوض أن يقتبس عن التراث الشرقي حضارته وعلومه فقد نقل علماؤه فلسفة ابن رشد ودرسوها وكانت ينبوعا لليقظة العلمية في الغرب.
فمن الواجب إذن على الأمم الشرقية إلى جانب إحياء التراث الشرقي القديم أن يقتبس عن الغرب تراثه الجديد. وتأخذ عنه محاسنه ومزاياه، لو أن حركة التقدم قد تابعت سيرها في الشرق ولم يقفها ذلك التأخر الذي أصابه خلال قرون عديدة لزاد من غير شك تراثه في العلوم والآداب ولما سبقه الغرب في هذا المضمار.
هناك وجهات نظر ثلاث لا تزال النهضة العلمية والعقلية في الشرق مترددة حائرة بينها:"إحداها" ترمي إلى الاقتصار على التراث الشرقي القديم وإحيائه، وقصر الحياة العقلية على حدوده ومقتضياته، وهذه الوجهة لا تكفي فيما أعتقد لاستكمال أسباب النهضة والحياة في العصر الحديث.
"والثانية" إطراح التراث الشرقي جانبا وقطع صلاتنا بالماضي واقتباس الحضارة الأوروبية والعقلية الأوروبية كما هي بما لها وما عليها وهذه أيضا وجهة خاطئة تنتهي بنا إلى اقتباس العيوب دون المزايا وتؤدي إلى نوع من التبعية العقلية والثقافية لأوربا تتطور مع الزمن إلى تبعية سياسية وقومية. والوجهة "الثالثة" هي إحياء التراث الشرقي مع اقتباس خير ما أنتجه وينتجه التراث الغربي من الناحية العلمية والأدبية. وهي في اعتقادي الطريقة الوسط التي تكفل لنا نهضة صحيحة في الحياة العقلية والفكرية.
وصفوة القول أن التراث الشرقي يحتوي ولا شك على كنوز من العلم