هذه مساجلة من نوع آخر؛ عرض فيها محمود محمد شاكر لآراء الدكتور طه حسين التي أوردها في كتابه "مع المتنبي".
وهذه المعركة نموذجا من معارك كثيرة من نوعها جرت "بين الشباب والشيوخ" من ناحية وبين "مدرستي المحافظة والتجديد" من ناحية أخرى وبين نظريتي "الترجمة ودراسة تاريخ الأعلام", إحداهما: التي تمزق الحجب عن الشخصيات على أساس إثارة الشكوك وافتراض الفروض ثم التدليل عليها، والثانية: التي تنظر في تجرد علمي إلى مختلف العوامل التي أثرت في تكوين الشخصية من غير تحيز أو خصومة.
المتنبي؛ بين طه ومحمود شاكر ١:
وصف شاكر كتاب طه حسين "مع المتنبي" بأنه "جيد النسق وجميل الرونق, لو تمنى عالم عزب لألقي في أمنيته أن يكون له بعدادها ولد يحملون عنه العلم من جيل إلى جيل".
ثم قال: إنه -أي شاكر- عاش مع المتنبي زمنا وكتب عنه كتابا متواضعا في ١٧٠ صفحة نشره المقتطف "يناير ١٩٣٦" فمن حق المتنبي علي أن أقرأ ما كتب عنه الدكتور طه وغير الدكتور طه، وكما أنه من حق نفسي علي أن أضع التاريخ في موضعه الذي أرخته به معدة الفلك.
فإن التاريخ لا يصلح معه الأدب الذي أدبنا به الله تعالى في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} فوالله إنا لنفسخ للدكتور الجليل في مجالسنا حتى يبلغ الغاية التي هو لها أهل