لعل هذه هي المرة الأولى التي ينقد فيها كاتب أحد مؤلفاته ويعارض ما جاء فيها من آراء. كان الدكتور زكي مبارك قد كتب كتابه "الأخلاق عند الغزالي" كأطروحة للدكتوراه من الجامعة المصرية عام ١٩٢٤ وحاول أن يحدث به صيحة حين عارض آراء هذا الفيلسوف الكبير وعندما نوقش في جلسة علنية قامت ضجة بين علماء الأزهر الشريف وفي مقدمتهم الشيخ عبد المجيد اللبان، يقول زكي مبارك "وانتقلت الثورة من الجمهور إلى أساتذة الجامعة من غير لجنة الامتحان وأسر حلمي عيسى في أذن منصور فهمي أن الدكتور طه حسين يريد أن يوجه إلى زكي مبارك ثلاثة أسئلة، وكانت معركة لم أنتصر فيها إلا بأعجوبة, ثم انتقلت المعركة إلى جريدة المقطم حيث صور زكي مبارك بصورة الثائر على التقاليد الدينية ونصحه منصور فهمي وطه حسين بالسكوت عما أثاره امتحانه من جدال وعاد زكي مبارك فنقض آراءه عن الغزالي في رسالة تقدم بها للدكتوراه للجامعة المصرية أيضًا عام ١٩٤٧ عن الإسلامي وقد عاب زكي مبارك كتابه حين نقده بعد ثلاثة وعشرين عاما ووصفه بأنه دعوة صريحة إلى التشكيك في أصول الأخلاق الموروثة عن القدماء وأن الغزالي لم يعن إلا بالفضائل السلبية ولم يشرح الفضائل الإيجابية، وعاب المؤلف على رجال الدين أن ينسحبوا من الميدان السياسي في الأوقات التي يعرض فيها الجهاد وأن الغزالي لم يؤد واجبه في التحريض على مقاومة الحملات الصليبية مع أنه حجة الإسلام، وهذا هو نقده لكتابه:
شاع منذ أعوام أن كتاب "الأخلاق عند الغزالي" من تأليف الدكتور منصور فهمي وهي إشاعة تشرفني وترفع من قدري، فأنا تلميذ هذا المفكر الجليل، ولو قضيت العمر في الثناء عليه لما وفيته بعض حقه من تعليمي وتثقيفي.
ولكن كتاب "الأخلاق عند الغزالي" كتابي لا كتابه بشهادة ما فيه من غطرسة واستعلاء وأستاذنا الدكتور منصور فهمي آية في التواضع المقبول: