ما رأيت فئة يأكل الدليل الواحد أداتها جميعا كهؤلاء المجددين في العربية فهم عند أنفسهم كالجمرة المتوقدة لا يشبعها حطب الدنيا.
ولقد كان من أشدهم غراما وشراسة وحمقا هو الدكتور طه حسين أستاذ الآداب العربية في الجامعة المصرية فكانت دروسه الأولى في الشعر الجاهلي كفرا بالله وسخرية بالناس فكذب الأديان وسفه التواريخ وكثر غلطه وجهله فلم تكن في الطبيعة قوة تعينه على حمل كل ذلك والقيام به إلا المكابرة واللجاجة؛ فمر يهذي في دروسه لا هو يثبت الحقيقة الخيالية ولا يترك الحقيقة الثانية، على أن أستاذ الجامعة إنما يقلد الهدامين من جبابرة العقول في أوربا وإنه منهم. ولكن كما تكون هذه الكرة الجغرافية المدرسية التي تصور عليها القارات الخمس من كرة الأرض التي تحمل القارات الخمس.
والرجل متخلف الذهن تستعجم عليه الأساليب الدقيقة ومعانيها وأكبر ما معه أنه يتحذلق ويشداهى ويشبه بالمفكرين ولكن في ثوب الرواية.
هو وأمثاله المجددين يسمون كتابا وعلماء وأدباء إذا كان لا بد لهم من نعت وسمة في طبقات الأمة غير أنهم على التحقيق غلطات إنسانية تخرجها الأقدار في شكل علمي أدبي لتعارض بها صوابا كاد يهمله الناس فيخشى الناس أن يتخيف الخطأ صوابهم أو يذهب به فيستمسكون بحبله ويشدون عليه.
من أقبح ما في كتاب الدكتور طه حسين أنه يعلن في مقدمته تجرده من دينه عند البحث، يريد أن يأخذ النشء بذلك اتباعا لمذهب ديكارت الفلسفي الذي يقضي على الباحث بالتجرد من كل شيء عندما يبحث عن الحقيقة.