ثم تجددت معركة الشعر الجاهلي مرة أخرى، ولم تكن هذه المرة على صفحات الجرائد وإنما في مجلس النواب, كان ذلك عام ١٩٣٢ حيث وجهت إليه تهم عدم كفايته العلمية عدم كفياته الإدارية، ومحاباته لبعض الأساتذة الأجانب رعاية لجنسياتهم. وصودر كتاب "الأدب الجاهلي" مرة أخرى ١٩/ ٣/ ١٩٣٢ وقامت مظاهرات واضرابات, وكان الدكتور طه قد عاد إلى بث آرائه التغريبية واكتشفت كراسات فيها إلحاد, والمعروف أن تجدد هذه المعركة كان له صلة بالسياسة والحزبية، وقالت جريدة الاتحاد "١٢/ ٣/ ١٩٣٢" التي كان الدكتور رئيس تحريرها قبل ذلك سنوات: إننا إذا وضعنا الدكتور طه حسين موضع التحليل لوجدنا أنه شخصية عادية لا يستحق كل هذا الضجيج، إلا أن الكلف بالشذوذ والشغف بالخروج عما عليه الجماعة من شأنه أن يدعو الناس إلى الأخذ والحد في هذا الشذوذ.
فقد كان طه حسين متصلا بحزب الأحرار الدستوريين الذين أيدوا رئيس الحكومة إذ ذاك "إسماعيل صدقي" فلما أنشأ حزب الشعب هاجموه وانضموا إلى الوفد في جبهة لمقاومته, هنالك بدأت الحملة على طه حسين واستغل فيها عنصري الثقافة اللاتينية والثقافة السكسونية وتصارعها في مصر حيث كانت الجامعة هي "البؤرة" التي يتجمع فيها المستشرقون ودعاة التغريب، واتهم طه حسين بأنه كان يمالئ الفرنسيين منهم غير أن الرجل الذي حمل لواء اتهام طه حسين لم يكون رجلا حزبيا وإنما كان رجلا مؤمنا بوطنه صادق الإيمان بالعروبة والإسلام, ذلك هو الدكتور عبد الحميد سعيد, وهذا ملخص حملته.
لقد قضت١ على بلادنا موجة من التقليد الغربي. موجة الخروج عن الدين والآداب وقد قام بالتبشير بها جماعة لم يصل نور الإسلام إلى قلوبهم وقد اشتهر الدكتور طه حسين في كتبه ومحاضراته بتلك النزعة اللادينة. وقال: إننا نشاهد الرجل عدوا للدين وتعاليمه يشوه كل ما هو منسوب إليه ومن يتتبع سلسلة حياته العلمية يجدها وحدة، يذهب في كل مسألة تتعلق بالدين الإسلامي مذهب أعداء الدين. وخصومة الألداء، وهناك نقطة ضعف