الصحيح يزيد الباحث المخلص إن أمكن حرصًا على الحق واستمساكا به إذا وصل إليه. إن الباحث المتدين بين محبين في الحق: دينه وعلمه, ومبغضين في الباطل: دينه وعلمه، وكذلك فهو يحب الحق مرتين: مرة لدينه ومرة لعلمه, ويبغض الباطل مرتين كذلك, ولا خوف عليه مطلقا أن يخفي بعض الحق أو يدلس في البحث محاباة لدينه، إذ ليس الحق يخاف على دينه ولكنه الباطل، وهو يعلم أن دينه حق. يعلم ذلك علم مستيقن. ويعلم أن العلم قائم على قاعدة استحالة التنافي بين أجزاء الحق، فهو لا يخشى أبدًا أن يكشف البحث الصحيح عن حقيقة تنافي دينه ولذلك يمضي في أبحاثه آمنًا مطمئنا متبعا أقوام الطرق في البحث والتفكير.
فالتدين الصحيح والعلم الصحيح ممكن اجتماعهما إذن وكثيرًا ما اجتمعنا, كما أن العاطفة العلمية القوية والعاطفة الدينية القوية لا تتعارضان بل تتضافران في خدمة العلم.