بدأت معركة "العربية والفرعونية" بمعركة الأدب القومي وتعزيز "المصرية" وحملت لواءها بعض الصحف وفي مقدمتها جريدة السياسة ومجلة السياسة الأسبوعية، ودافع عنها هيكل وطه حسين ومحمد عبد الله عنان وسلامة موسى.
كانت مصر في فترة التطلع إلى هدف، وكان الاستعمار الفكري من وراء بلبلة الثقافة المصرية إنما يبعدها عن مجال الدعوة إلى القومية العربية بدعاوي الاعتزاز بالمصرية والتاريخ المصري القديم، وكان ظهور بعض الآثار الفرعونية في هذه الفترة كقبر توت عنخ آمن "١٩٣٣" وغيره من المغريات له أثره في بروز هذه الدعوة؛ دعوة المصرية التي تحولت بعد قليل إلى دعوة تغليب الفرعونية على العربية.
وقد اتجهت مجلة السياسة الأسبوعية إلى إنشاء جماعة للدعوة إلى الأدب المصري، ثم لم يلبث الدكتور هيكل أن حمل لواء الدعوة إلى الفرعونية، وقد ظهرت في هذه الفترة كتابات متعددة تحاول إحياء الأدب الفرعوني القديم على أنه تراث فكري كما فعل حسن صبحي بكتابه أوراق البردي وكتاباته الأخرى، ثم اتجه الدكتور هيكل إلى حمل لواء الدعوة لا إلى الفرعونية في مصر، بل إلى أن يقوم كل قطر عربي بالبحث عن تاريخه القديم وذلك بإحياء البابلية والأشورية وغيرها.
ولم يقف كتّاب الأمة العربية صامتين أمام هذا التيار بل شاركوا فيه وعارضوا الفكرة وأظهروا جوانب الخطأ فيها.
١- المصرية؛ تراث قومي أثيل لمصر:
محمد عبد الله عنان. ملحق السياسية الأسبوعية "١٤ أكتوبر ١٩٣٢":
من الطبيعي أن تكون الفكرة القومية في مصر أثيلة في مصريتها وأن تكون هذه المصرية المؤثلة رمزا لكل مظاهر الطموح المصري في جميع ميادين الحياة العامة وأن تتقدم كل ما عداها من الفكر والمظاهر، ولم يقف هذا الروح عند الجهاد الوطني ولكنه شمل التفكير والأدب بطبعها لون عميق من المصرية فأصبحت تمتاز رغم كونها عربية إسلامية بخواص تميزها عما عداها.
ومصر اليوم تحمل لواء الزعامة والقيادة في إحياء تراث التفكير