كانت حملة سلامة موسى على الأدب العربي مثارًا لمعارك متعددة، كان أبرزها معركته مع زكي مبارك، يرى سلامة موسى أن غاية الأدب هي توجيه الحياة الاجتماعية وأن الأدب الحديث أنفع من الأدب القديم، ويرى زكي مبارك أن الأدب وثيقة تسجل فيها مظاهر الحياة الاجتماعية وقد تصير "دستورا تخضع له هذه الحياة".
١- الآداب الباقية: رد زكي مبارك على سلامة موسى ١
كنت بينت للخصم الشريف سلامة موسى وجه الخطأ فيما ذهب إليه من الدعوة إلى الإقلال من العناية بالأدب العربي، وكانت حجتي أنه يعنى بالأدب الفرعوني مع أنه أدب موغل في القدم، وأن الأستاذ عبد القادر حمزة يبذل جهودًا عنيفة في شرح الأساطير الفرعونية، ولم يقل أحد أنه يضيع وقته فيما لا يفيد، فكيف يلام رجل مثلي إلى قصر عمره على درس الأدب العربي مع أنه أدب حي لا يزال يسيطر على أذواق الناس في المشرق والمغرب، وهو فوق ذلك يفسر غوامض النفس العربية التي تلقت الإسلام ونشرته في العالمين.
وأعود فأقرر أن لدراسة الأدب العربي غايات أخرى غير تلك الغايات الدينية وأبدأ فأنقض حجة سلامة موسى إذ يرى أن غاية الأدب هي توجيه الحياة الاجتماعية وأن الأدب الحديث أنفع دائما من الأدب القديم.
وعندي أن الأدب كما يكون ضربا من الإصلاح يكون نوعا من الوصف وهو وثيقة تسجل فيها مظاهر الحياة الاجتماعية، وقد يصير دستورًا تخضع له الحياة الاجتماعية. فإن كنت في ريب من ذلك فراجع كتب الأدب في القديم والحديث تراها سجلات دونت فيها أزمات القلوب والنفوس والعقول.