للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[آداب الساندويتش: بين الزيات والمازني والعقاد]

هذه مساجلة هادئة حول الأدب، دور من أدوار تحوله؛ عندما انتشرت ظاهرة الأدب السريع الصحفي، الذي لا يرعي قواعد النحو ولا أصول اللغة، وهي صيحة تصور مدى الخطر الذي تعرض له الأدب في هذه الفترة، وقد أثار المناقشة أحمد حسن الزيات واشترك فيها إبراهيم عبد القادر المازني وعباس محمود العقاد وتوحي هذه المساجلة بالنذر التي قلت بعد الحرب العالمية الثانية حين استفحلت نزعة أدب الساندويتش, وتورط فيها كثير من كبار الكتاب وحملت لواءها صحافة ذات اتجاه واضح.

١- أدب الساندويتش ١: أحمد حسن الزيات

أريد الأدب الذي تتأدبه ناشئة اليوم. والثقافة الأدبية اليوم لا تختلف في سرعتها وتفاهتها وفسادها عن هذا النوع الجديد من الأكل، فهي نتاف من الكتب ولقفات من الصحف وخطفات من الأحاديث ومطالعات في القهوة أو الترام. يلفظ الكلام فيها النظر الخاطف. كما يلفظ الحب الطائر الفزع ثم نتاج مختصر معتسر كجنين الحامل أسقطته قبل التمام. وصراخ مزعج في أدنى هذا السقط ليستهل وهو مضغة من اللحم المسيخ لا تشعر ولا تنبض.

يقول أنصار الساندويتش في الأدب: إن قواعد اللغة قيود لا توافق حرية العصر، وأساليب البلاغة عوائق لا تجاري قراءة السرعة وبدائع الفن شواغل لا تساعد وفرة الإنتاج، والحق الصريح أن آكلي السندويتش أعجلتهم محافز العمل ومشاغل الرزق عن النعيم الآمن والجمام الخصب والبيت المطمئن فجعلوا صعلكة المطاعم نظاما وفلسفة.

آثار هذا الموضوع في ذهني طائفة من الرسائل النقدية تلقيتها من أقطار


١ الرسالة ١٤ يونيه ١٩٣٢.

<<  <   >  >>