لعل شاعرًا لم يتناول أدبه أقلام النقاد والباحثين مثل "شوقي"، فقد كان صاحب ذهب وسيف، وكان في فترات حياته وسيط الخديوي إلى رجال القلم والصحافة، فضلا عن أنه كان شاعر الأمير حتى نفي في أوائل الحرب العالمية الأولى فلما عاد تحرر من سلطان القصر, ولكن رأى خصومة ظل فيه كما هو، هاجمه إبراهيم المازني وعباس العقاد وطه حسين ثم هاجمه هيكل بعد أن كتب له مقدمة ديوانه وأصدرت السياسة الأسبوعية عددًا خاصا عنه ثم غير المازني وطه حسين رأيهما في شوقي وأصر العقاد على رأيه، وهذه صورة من أراء نقاد شوقي.
عباس محمود العقاد؛ شوقي في الميزان:
كنا نسمع الضجة التي يقيمها شوقي حول اسمه في كل حين فنمر بها سكوتا كما نمر بغيرها من الضجات في البلد لا استضخاما لشهرته ولا لمنعة في أدبه عن النقد، فإن أدب شوقي ورصفائه من أتباع المذهب العتيق هدمه في اعتقادنا أهون الهيئات، ولكن تعففنا عن شهرة يزحف إليها زحف الكسيح، ويضن عليها من قوله الحق ضن الشحيح، وتطوى دقائق أسرارها ودسائسها على الضريح, ونحن من ذلك الفريق من الناس الذين إذا ازدادوا شيئا بسبب يقنعهم لم يبالوا أن يطبق الملأ الأعلى والملأ الأسفل على تبجيله والتنويه به فلا يعنينا من شوقي وضجته أن يكون لهما في كل زفة، وعلى كل باب وقفة.
فإذا استطاع أن يقحم اسمه على الناس بالتهليل والتكبير والطبول والرموز في مناسبة وغير مناسبة وبحق أو بغير حق فقد تبوأ مقعد المجد وتسنم مقعد الخلود وعفاء بعد ذلك على الإفهام والضمائر وسحقا للمقدرة والإنصاف, وبعدا للحقائق والظنون, وتبا للخجل والحياء, فإن المجد سلعة تقتنى ولديه الثمن في الخزانة, وهل للناس عقول؟