للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن كان في ريب من ذلك فيحققه في تتابع المدح لشوقي ممن لا يمدح الناس إلا مأجورا فقد علم الخاصة والعامة شأن تلك الخرق المنتنة نعني بها بعض الصحف الأسبوعية. وعرف من لم يعرف أنها ما خلقت إلا لسلب الأعراض والتسول بالمدح والذم. وأن ليس للحشرات الآدمية التي تصدرها مرتزق غير فضلات الجبناء وذوي المآرب والجزازات, خبز مسموم تستمرئه تلك الجيفة التي تحركها الحياة لحكمة كما تحرك الهوام وخشاش الأرض؛ في بلد لو لم يكن فيه من هو شر منه لماتوا جوعا أو تواروا عن العيون, هذه الصحف الأسبوعية وهذا شأنها وتلك أرزاق أصحابها تكيل المديح جزافا لشوقي في كل عدد من أعدادها وهي لا تنتظر حتى يظهر للناس بقصيدة تؤثر، أو أثرا يذكر, بل تجهد نفسها في تحمل الأسباب واقتسار الفرص، فإذا ظهرت له قيدة جديدة وإلا فالقصائد القديمة في بطون الصحف وإن لم يكن شعر حديث ولا قديم فالكرم والأريحة والفضل واللوذعية.

ولقد استخف شوقي بجمهوره واستخف واستخف حتى لا مزيد عليه، ما كفاه أن تسخر الصحف سرًا لسوقه إليه واختلاف حواسه واختلاس ثقته حتى يسخرها جهره، وحتى يكون الجمهور هو الذي يؤدي بيده أجرة سوقه واختلاسه.

إن امرأ تبلغ به محنة الخوف على الصيت هذا المبلغ، لا يدرى مم يستكنف في سبيل بغيته وأي باب لا يطرقه تقربا إلى طلبته والحق أن تهالك شوقي على الطنطنة الجوفاء قديم عريق ورد به كل مورد وأذهله عما ليس يذهل عنه بصير أريب، وليس المجال منفسح للتفصيل ولا الفرصة سانحة لجلاء الغوامض.


١ في الديوان جـ١ "يناير ١٩٢١" ٤٦ صفحة عن شوقي وفي الجزء الثاني ٤٦ صفحة عن شوقي أيضا.

<<  <   >  >>