ليس شوقي عندي بالشاعر ولا شبهه، وإنه لقطعة قديمة متلكئة من زمن غابر لا خير فيه. يغني عنه كل قديم ولا يضيف هو إلى قديم أو حديث وما أعرفني قرأت له شيئا إلا أحسست أني أقلب جثة ملئت صديدا وشاع فيها الفناء علوا وسفلا. وعسى من تستفظع هذا ويرى فيه غلوا.
ولهذا يقول أن مقياسنا كان ولا زال. إن الجيد في لغة جيد في سواها والأدب شيء لا يختص بلغة ولا زمان ولا مكان لأن مرده إلى أصول الحياة العامة لا إلى المظاهر والأحوال الخاصة العارضة. فمن كان يكابر بالخلاف في أن شعر شوقي كما نصف، فما عليه إلا أن يتناول خير ما يذكر له وأبرعه في رأي أنصاره ثم فلينقله إلى لغة أخرى ولينظر بعد ذلك مبلغه من الفساد والاضطراب والاعتساف والشطط والسفه والغلو والخلو من الصدق، والعجز عن صحة النظر.
وليت شوقي أنه لا يسمو عن المطروق والمألوف والمبتذل، إذن لكانت له على الأقل مزية الفطنة إلى ما كانت له في زمنه طلاوة الجدة فإن المطروق اليوم كان متبكرًا بالأمس وإنا لنمط شفاهنا الآن إذ نرى كاتبا أو شاعرا يشبه وجه الحبيب بالقمر أو غيبته بالنجوم.
والمرء إما أن يكون شاعرًا أو لا يكون ولا وسط هناك، فإن كان شوقي عندكم شاعرًا فقيسوه إلى شعراء الدنيا من مثل شكسبير وجوتيه وملتون وهاردي ودانتي، فإن لم يقف به مكانه بينهم فهو ما زعمتم، وإلا
١ السياسة الأسبوعية "كتب في العدد الخاص بتكريم شوقي" ٣٠ أبريل ١٩٢٧.