المرة الماضية مزدريا لقرائه ولنقاده، ولا يحفل بأولئك ولا بهؤلاء، وما أحسب إلا أن هذا الازدراء خلق من أخلاقه ليس إلى إصلاحه من سبيل.
ثم لم يقف أمر هذا الكتاب عند سوء الطبع وقبح الورق، فما رأيك في كتاب يبحث فيه عن فهرست فلا تجد! وما رأيك في كتاب لا تستطيع أن تلم بما فيه إلا إذا قرأته من أوله إلى آخره!
ثم لم يقف الأمر في هذا الكتاب عند هذا الحد، فهيكل لم يكتف بإهمال الطبع والورق, ولا بإهمال الفهرست ولا بإهمال التقسيم والترتيب، بل أضاف إلى هذه الضروب من الإهمال ضربًا آخر ليس أقل قبحا عندي وقد يكون أشد منها قبحا عند غيري من الأدباء والنقاد، ذلك هو إهمال اللغة.
لقد أعطيت نفسي من الحرية في نقد هذا الكتاب أكثر مما ينبغي لها فيما يظهر، وما رأيك في محرر السياسة الأدبي يتناول بهذا النقد العنيف، رئيس تحرير السياسة ثم لا يستحي أن ينشر هذا النقد العنيف في جريدة السياسة نفسها١.
أليس هذا إسراف أو شيئا فوق الإسراف! كلا ليس إسرافا، وإنما هو القصد كل القصد والاعتدال كل الاعتدال، فهيكل تلميذ لطفي السيد، ولقد أذكر أن لطفي السيد علمنا حين كان مدير "الجريدة" أن ننقد أصحاب الصحف في صحفهم، وعودنا أن ينشر نقدنا راضيا به مبتهجا له معتذرًا إن كان في الأمر ما يدعو إلى الاعتذار، ولو علمت أن في هذا النقد ما يغضب صاحبي أو يغيظه لما نشرته لا في السياسة ولا في غير السياسة، أستغفر الله.