للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف جاز للأستاذ أحمد أمين أن يهرب من الرد علينا بحجة أننا نشتمه ونؤذيه بغير سبب معقول؟ وكيف جاز له أن يظن أني تآمرت مع صاحب الرسالة عليه؟ مع أن مقالاتي في الرسالة قد تنتهي بخصومة بيني وبين الزيات؛ لأن الزيات قد حذف من مقالاتي فقرات كثيرة رعاية لصديقه العزيز أحمد أمين.

أتريدون الحق أيها القراء:

الحق أني في غربة موحشة بين إخوان هذا الزمان فالأستاذ أحمد أمين كان ينتظر أن أمتشق قلمي لتزكية أحكامه الخواطئ على الأدب العربي والأستاذ الزيات كان ينتظر أن أرد على أحمد أمين بأسلوب رقيق شفاف يحاكي نسائم الأصائل والعشيات على ضفاف النيل.

الله يشهد أني متوجع لما صنعت بالأستاذ أحمد أمين وهو رجل له ماض في خدمة الدراسات الإسلامية وله مواقف في مؤازرتي سأذكرها وإن طال الزمان ولكنه في الأعوام الأخيرة أصيب بمرض عضال هو السخرية من ماضي الأمة العربية وأغرم بضرب من الحذلقة لا يقره غير الأصحاب المتطفلين الذين لا يهمهم غير الاقتراب من روحه اللطيف.

أحمد أمين رجل فاضل وإن تردى في هاوية العماية والجهل حين حكم بأن آباء العرب كانوا أصحاب معدات لا أصحاب أرواح.

يقول أحمد أمين: إن الأدب يخدم النقد أكثر ما يخدم التقريظ وهذا حق ولكن هل يدرك المراد من النقد.

النقد هو في الأصل تمييز الزائف من الصحيح فيدخل فيه اللوم ويدخل فيه الثناء. ولكن أحمد أمين يتوهم أن النقد مقصور على التجريح.

<<  <   >  >>