وما يحمد منها وما يعاب، ومن زعم لنا غير ذلك فهو خادع أو مخدوع "نظرية الانصهار في حضارة الغرب".
٢- العقل المصري منذ عصوره الأولى عقل إن تأثر بشيء فإنما يتأثر بالبحر الأبيض المتوسط. وإن تبادل المنافع على اختلافها فإنما يتبادلها في شعوب البحر الأبيض المتوسط.
٣- إذن فالعقل المصري القديم ليس عقلا شرقيا، وقد نشأ هذا العقل المصري في مصر متأثرًا بالظروف الطبيعية والإنسانية التي أحاطت بمصر وعملت على تكوينها, فإذا لم يكن أن نلتمس أسرة للعقل المصري نقره فيها فهي أسرة الشعوب التي عاشت حول "نظرية البحر المتوسط" بحر الروم.
٤- التاريخ يحدثنا بأن رضاها "أي مصر" عن السلطان العربي بعد الفتح لم يبرأ من السخط ولم يخلص من المقاومة والثورة، وبأنها لم تهنأ ولم تطمئن إلا حين أخذت تسترد شخصيتها المستقلة في ظل ابن طولون فلما كان فتح الإسكندرية للبلاد الشرقية واستقرار خلفائه في هذه البلاد اشتد اتصال الشرق بحضارة اليونان واشتد اتصال مصر بهذه الحضارة بنوع خاص. وأصبحت مصر دولة يونانية" "محاولة هدم صلة مصر بالأمة العربية".
٥- لقد التزمنا أمام أوربا أن نذهب مذهبها في الحكم، ونسير سيرتها في الإدارة ونسلك طريقها في التشريع، والتزمنا هذا كله أمام أوربا. وهل كان إمضاء معاهدة الاستقلال ومعاهدة إلغاء الامتيازات إلا التزاما صريحًا قاطعًا أمام العالم المتحضر بأننا سنسير سيرة الأوروبيين في الحكم والإدارة والتشريع؟ فلو هممنا الآن أن نعود أدراجنا وأن نحيي النظم العتيقة لما وجدنا إلى ذلك سبيلا ولوجدنا أمامنا عقبات لا تجتاز ولا تذلل.