الأوروبية، وعن ما يتطرق المؤلف إلى حالة الأزهر خلال هذا البحث يعرضه لنا كمعهد مسرف في التجديد, "كل شيء يدل، بل كل شيء يصيح بأن الأزهر مسرف في الإسراع نحو الحديث"، غير أننا نراه في محل آخر من الكتاب يتراجع قليلا عن تعبير "الإسراف" الذي استعمله في هذا المقام، كما أننا نراه في محل آخر يتناسى كل ذلك فيقول:"إن الأزهر بحكم تاريخه وتقاليده بيئة محافظة تمثل العهد القديم، ثم يقول: إن هذا التفكير الأزهري القديم قد يجعل من العسير على الجيل الأزهري الحاضر إساغة الوطنية والقومية بمعناهما الأوروبي الجديد, ثم لا يتحرج المؤلف من إبداء رأي يناقض رأيه الأول مناقضة صريحة "يقتضي أن يعدل الأزهر عدولا تامًا عما دأب عليه من الانحياز على نفسه والعكوف عليها والانقطاع من الحياة العامة".
أريد أن ألفت الأنظار إلى الاختلافات الموجودة بين هذه الآراء التي صدرت من قلم واحد في موضوع واحد في كتاب واحد.
مصر بين الشرق والغرب:
٣- لا يكتفي المؤلف بالبرهنة على عدم وجود فرق جوهري بين العقل المصري والعقل الأوروبي، بل يحاول أن يبرهن على أن مصر ليست جزءًا من الشرق ويسير بين سلسلة آراء وملاحظات يكتنفها الغموض والتضارب من كل الجهات، ويلوم الأوروبيين الذين يقولون: إن مصر جزء من الشرق، وإن المصريين فريق من الشرقيين ثم يقول: "إن من السخف الذي ليس بعده سخف اعتبار مصر جزءًا من الشرق"، غير أنه لا يلبث أن يتناسى قوله هذا ويدخل المصريين في عداد الشرقيين في عشرات من المواضع في الكتاب.