٦- يثير المؤلف "تأثير وحدة الدين ووحدة اللغة في تكوين الدول فيقول: من المحقق أن تطور الحياة الإنسانية قضى منذ عهد بعيد بأن وحدة الدين ووحدة اللغة لا تصلحان أساسًا للوحدة السياسية ولا قوامًا لتكوين الدول.
فقد تخففت أوربا من أعباء القرون الوسطى وأقامت سياستها على المنافع الزمانية، لا على الوحدة المسيحية, لا على تقارب اللغات والأجناس.
٧- يسوي المؤلف في كلماته هذه بين وحدة الدين ووحدة اللغة في وجهة التأثير السياسي ويدعي أن تأثيرهما في السياسة كان من خصائص القرون الوسطى، إنني أعتقد أن كل ذلك مخالف لحقائق التاريخ وقوانين الاجتماع مخالفة صارخة، فإن عمل وحدة اللغة في الحياة الاجتماعية والحوادث التاريخية، يختلف عن عمل وحدة الدين اختلافا كليا.
إن وحدة اللغة لم تصبح من القوى الفعالة في تكوين الدول وتوجيه السياسات إلا في القرن الأخير، وإلا بعد أن فقدت وحدة الدين قوتها وتأثيرها في هذا المضمار كما أن تأثير وحدة اللغة في السياسة لم ينته بانتهاء الفرق المذكور، بل ازداد شدة في القرن الذي نعيش فيه, وهو لا يزال مستمرًا وشديدًا.
لهذه الأسباب أقول: إن قياس وحدة اللغة على وحدة الدين في هذا المضمار والادعاء بأنها فقدت تأثيرها السياسي وعملها التكويني منذ عهد بعيد لا يتفق مع حقائق التاريخ بوجه من الوجوه.
إنني أعتقد اعتقادًا جازمًا أن اللغة تختلف عن الدين في وحدة الطبيعة