وإنما كلمتهم بلغة الرفيق في عالم الإنسانية ودعوتهم إلى فهم الجمال، وأغلب الظن أن كتابك إن ترجم إلى اللغات الأوروبية سيكون أضحوكة لأنه يتكلم عن كل شيء إلا الدعوة إلى السلام.
إن الدعوة إلى السلام في العصر الحاضر لا تكون إلا عن طريق واحد هو الاقتصاد، فإن أمكنك يا أستاذ طنطاوي أن تؤلف كتابا جديدًا تبين فيه أن المنافع الاقتصادية لا تقوم إلا على السلام وأن الحرب نذير الخراب، كان من الممكن أن تكون رسول السلام في هذه الأيام.
إن الجمال الذي تتحدث عنه هو في أعين الساسة حديث خرافي ولا قيمة لتلك الصور الملائكية التي تعرضها للترغيب في السلام بين أهل الأرض.
أنت يا أستاذ طنطاوي رجل طيب, أو أكبر عيوبك أنك رجل طيب وإلا فكبف تنتظر أن يترجم كتابك بأمر ملك الإنجليز ليشعر ذلك الملك بالتبعة التي يحملها وهو يسيطر على ربع الأرض فيما قيل.
إن خصوم الإسلام أطالوا القول في غمزه ولمزه لأنه يبيح القتال، ولو فهم أولئك لعرفوا أن إباحة القتال في الشريعة الإسلامية هي الدليل أنها أصلح الشرائع لقيادة الحياة الإنسانية, إن السلام العام هو الأمل الباطل الذي يتحدث عنه الفارغون، والنضال بين الأمم والأفراد والجماعات هو القانون الذي يعيش في ظله التقدم العلمي والاجتماعي.
طنطاوي جوهري ١:
لقد كان ينقد كتبي كثيرون فلم أكن لأعبأ بهم، ولا أرد عليهم ضنا بوقتي ومضيت في عملي، فأما أنت فإن منزلتك الخاصة توجب عليَّ أن أجاذبك الحديث.