الأصول وكنت لطول العهد قد نسيت موضوعها وأسماء أشخاصها فحرت ماذا أصنع؟ ثم لم أر بدا من المضي في الطبع فسددت النقص ووجهت الرواية فيما بقي منها توجيها جديدًا ونشرت الرواية.
وبعد شهور تلقيت نسخة من مجلة الحديث التي تصدر في حلب وإذا فيها فصل يقول فيه كاتبه: إني سرقت فصلا من رواية "ابن الطبيعة" فدهشت ولي العذر, واذكروا أني أنا مترجم ابن الطبيعة وناقلها إلى العربية وأن ٤ آلاف نسخة نشرت منها في العالم. وإني أكون أحمق الحمقى إذا سرقت من هذه الرواية على الخصوص فبحثت عن ابن الطبيعة وراجعتها وإذا بالتهمة صحيحة لا شك في ذلك بل هي أصح مما قاله الناقد الفاضل.
وقد اتضح لي١ أن أربع أو خمس صفحات منقولة بالحرف الواحد من ابن الطبيعة في روايتي "إبراهيم الكاتب" أربع أو خمس صفحات سال بها القلم وأنا أحسب أن هذا كلامي، حرف العطف هنا هو حرفه هناك، وأول السطر في إحدى الروايتين هو أوله في الرواية الأخرى لا اختلاف على الإطلاق في واو أو فاء أو اسم إشارة أو ضمير مذكر أو مؤنث ومن الذي يصدقني إذا قلت: إن رواية ابن الطبيعة لم تكن أمامي ولا في بيتي وأنا أكتب روايتي؟ من الذي يمكن أن يصدقني وأنا أؤكد له أني لم أر رواية ابن الطبيعة منذ فرغت من ترجمتها وأني لو كنت أريد اقتباس شيء من معانيها أو مواقعها لما عجزت عن صب ذلك في عبارات أخرى! لهذا سكت ولم أقل شيئًا, والواقع أن صفحات أربعا أو خمسا من رواية ابن الطبيعة علقت بذاكرتي -وأنا لا أدري- لعمق الأثر الذي تركته هذه الرواية في نفسي فجرى بها القلم وأنا أحسبها لي.
١ اقرأ الفصل كله "السرقات الأدبية" في الرسالة ٢ أغسطس ١٩٣٧.