للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحن نعمل ذلك بالفعل ولكننا نذكره بالقول. فالذين يأبون علينا إدخال الضروري من الكلمات الأجنبية يكتبون بأيديهم "التلغراف" و"التليفون" بغاية السهولة، كما يكتبون "الورد" الذي هو ليس عربيا, والأمة سائرة على هذا النمط من التطور فهي تعرف الكمبيالة ولا تعرف "السفتجة" ولا يقف في طريقها عائق، غير أن خمسة أو ستة من الكتاب هم الذين لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة وتقف أقلامهم عند كتابة أسماء المخترعات الحديثة إذا لم يجدوا تسمية سعيدة. اللغة ملك الأمة وللكتاب الحرية في الزيادة عليها بأساليب جديدة وألفاظ جديدة إذا قبلها الجمهور وراجت وأصبحت من لغة الأمة.

سيقولون: هذا المبدأ يدعو إلى الفوضى، ربما كان ذلك، ولكن الفوضى واقعة لا محالة في زمن الانتقال الشديد الذي نحن فيه, ولا بأس بالفوضى إذا كانت لازمة لحال التطور وصارفة لنا عن هذا الجمود الذي نحن فيه.

سيقولون: وما الذي يمنع من تأليف المجمع اللغوي من اليوم؟ نقول: إن كل عمل عام لا تقتضيه حاجة الأمة اقتضاء تاما إنما هو عمل صناعي عقيم النتيجة، وقد تألف المجمع اللغوي ثلاث مرات ولم يفلح فكان فشله دليلا على أنه غير ضروري لحياة الأمة أو على الأقل إن الأمة لا تراه ضروريا لها الآن؛ وإلا لحكم له بالبقاء.

إن الخروج باللغة من جمودها إلى طور جديد لا بد فيه من الفوضى الموصلة إلى الطور الراقي المتفق مع أطماع الأمة عن التقدم في كل شيء إلى الأمام.

لا حرج على الكاتب أو المترجم أن يستعمل من الألفاظ ما شاء لما شاء من المعاني وكلما توسع الكاتب في استعمال ألفاظ كثيرة كان ذلك إحياء

<<  <   >  >>