للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توجد في عنصر منها بمفرده إذ ليس كل أندلسي فيه تلك الصفات إلا فصاحة الألسن فكانت هي القاسم المشترك التقريبي بينهم، قال أبو علي القالي الذي وفد على الأندلس في عهد عبد الرحمن الناصر في وصف اللغة العربية في الأندلس: "لما وصلت القيروان وأنا أعتبر من أمر به من أهل الأمصار فأجدهم درجات في العبارات وقلة الفهم بحسب تفاوتهم في مواضعهم منها بالقرب والبعد كأن منازلهم من الطريق هي منازلهم من العلم محاصة ومقايسه. قال أبو علي: "فقلت إن نقص أهل الأندلس عن مقادير من رأيت في أفهامهم بقدر نقصان هؤلاء عمن قبلهم فسأحتاج إلى ترجمان في هذه الأوطان. قال ابن بسام: فبلغني أنه كان يصل كلامه هذا بالتعجب من أهل هذا الأفق الأندلسي في ذكائهم ويتغطى عنهم عند المباحثة والمناقشة ويقول لهم: إن علمي علم وواية وليس علم دراية فخذوا عني ما نقلت فلم آل لكم أن صححت هذا. مع إقرار الجميع له يومئذ بسعة العلم وكثرة الروايات والأخذ عن الثقات". (١)

وهكذا كان أهل الأندلس ذلك المزيج الذي ازدهرت به الحضارة فأحيا الآداب والفنون العلوم، وكانت اللغة العربية وعاء ذلك ولم تكن كتاباتهم بلغة العلم الجافة بل كانت تمتاز بسلامة التعبير وجودة التصوير وقد ظهر في الأندلس على خلاف البلاد الإسلامية كثرة الأديبات والشاعرات من النساء من الحرائر والجواري وقد وجد من الجواري الشاعرات عدد كثير كان من بينهن من يجدن العلوم. (٢)


(١) نفح الطيب للمقري جـ ٤ ص ١٥٠. وانظر الذخيرة لابن بسام القسم الأول المجلد الأول ص ١٤، ١٥.
(٢) انظر ابن حزم لأبي زهرة ص ١١٠.

<<  <   >  >>