للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الأصل. والكذب حرام إلا بعارض، ودل على إباحة الصدق، فالصدق حلال إلا بعارض ولا يجوز أن نصف الله تعالى بما يوهم النقص البتة فأما ما لا يوهم نقصًا أو يدل على مدح فذلك مطلق، ومباح بالدليل الذي أباح الصدق مع السلامة عن العوارض المحرمة ولذلك قد يمنع من إطلاق لفظ فإذا قرن به قرينة جاز إطلاقه، فلا يقال لله تعالى "يامذل" ويمال يامعز يامذل فإنه إذا جمع بينهما كان وصف مدح إذ يدل على أن طرفي الأمور بيده وغير هذا كثير (١).

وقد استدل ابن حزم على منع تسمية الله تعالى إلا بالأسماء الحسنى بقوله تعالى: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه" (٢) وليس في الآية دلالة على أنه ليس له تبارك وتعالى من الأسماء إلا هذه الأسماء، وإنما فيها الأمر بدعائه سبحانه بالأسماء الحسنى دون الاخبار عن حصر أسمائه فيها، وليس الإلحاد فيها الزيادة كما يقول. وإنما هو إما تسميته تعالى بما لا يجوز أن يسمى به، أو بلفظ لايعرف معناه، لأنه ربما كان غير لائق بجلال الله وعظمته، أو الجور عن الحق والعدول عنه، أو تكذيب الأسماء وجعلها لا تدل على معان وقيل غير ذلك (٣).

ومما استدل به ابن حزم على منع اشتقاق اسم لله تعالى لم يسم به


(١) انظر المقصد الأسنى للغزالي ص ١٦٦، ١٦٧. وشرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص ٥. والتفسير الكبير للرازي جـ ١٥ ص ٦٧.
(٢) سورة الأعراف آية (١٨٠).
(٣) انظر التفسير الكبير للرازي جـ ١٥ ص ٧١، ٧٣. وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص ٢٠، والدر المنثور للسيوطي جـ ٣ ص ١٤٩.

<<  <   >  >>