للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

امتناع خلو الجواهر عن الأعراض، وهو امتناع خلو الأعيان والذات عن الصفات ولهذا أطبق العقلاء من أهل الكلام والفلسفة وغيرهم على إنكار زعم تجويز جوهر خال عن جميع الأعراض (١).

فإن قيل: إن هذه الصفات متقابلة تقابل العدم (٢)، والملكة (٣) لا تقابل السلب والإيجاب. وما كان كذلك. إنما يلزم من انتفاء أحدهما ثبوت الآخر إذا كان المحل قابلًا لهما كالحيوان الذي لا يخلو إما أن يكون أعمى أو بصيرًا، لأنه قابل لهما وما لا يقبل الاتصاف لا بهذا ولا بهذا كالجماد فليس كذلك.

والجواب بإبطال هذا من وجوه كما يقول ابن تيمية: "أحدها أن يقال: الموجودات "نوعان" نوع يقبل الاتصاف بالكمال كالحي ونوع لا يقبله كالجماد، ومعلوم أن القابل للاتصاف بصفات الكمال أكمل ممن لا يقبل ذلك.

وحينئذ: فالرب إن لم يقبل الاتصاف بصفات الكمال لزم انتفاء اتصافه بها. وأن يكون القابل لها - وهو الحيوان الأعمى الأصم الذي


(١) انظر شرح الأصفهانية ص (٧٤)، مجموع الفتاوى (٦: ٨٨)، اللمع للأشعري ص (٢٥)، الإنصاف للباقلاني ص (٣٧)، المعتمد لأبي يعلى ص (٥٠)، نهاية الإقدام للشهرستاني ص (٣٤٢)، لمع الأدلة للجويني ص (٨٥)، شرح المواقف ص (١٤٠، ١٤١)، الدليل الصادق لجاب الله (١: ١٢٨).
(٢) العدم: هو أن لا يكون في شيء، ذات شيء من شأنه أن يقبله ويكون فيه. انظر معيار العلم للغزالي ص (٢٧٢).
(٣) الملكة هي صفة راسخة في النفس تحصل بسبب فعل من الأفعال بعد طول الممارسة فترسخ في النفس كيفية هذه الصفة فتصبح بطيئة الزوال. انظر التعريفات للجرجاني ص (٢٠٥).

<<  <   >  >>