للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقبل السمع والبصر - أكمل منه، فإن القابل للسمع والبصر - في حال عدم ذلك - أكمل ممن لا يقبل ذلك. فكيف المتصف بها فلزم من ذلك أن يكون مسلوبًا لصفات الكمال - على قولهم - ممتنعًا عليه صفات الكمال، فأنتم فررتم من تشبيهه بالأحياء فشبهتموه بالجمادات، وزعمتم أنكم تنزهونه عن النقائص، فوصفتموه بما هو أعظم النقص.

الوجه الثاني: أن يقال: هذا التفريق بين السلب والإيجاب وبين العدم والملكة، أمر إصطلاحي، وإلا فكل ما ليس بحي فإنه يسمى ميتًا كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (١).

الوجه الثالث: أن يقال: نفس سلب هذه الصفات نقص، وإن لم يقدر هناك ضد ثبوتي، فنحن نعلم بالضرورة أن ما يكون حيًّا عليمًا قديرًا متكلمًا، سميعًا بصيرًا أكمل ممن لا يكون كذلك، وأن ذلك لا يقال سميع ولا أصم كالجماد وإذا كان مجرد إثبات هذه الصفات من الكمال، ومجرد سلبها من النقص: وجب ثبوتها لله تعالى لأنه كمال ممكن للموجود ولا نقص فيه بحال بل النقص في عدمه" (٢).


(١) سورة النحل: الآيتان (٢٠، ٢١).
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦: ٨٩، ٩٠) شرح العقيدة الأصفهانية ص (٨٥)، شرح المواقف للإيجي الموقف الخامس في الإلهيات ص (١٤١).

<<  <   >  >>