للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني:

أن السمع والبصر من صفات الكمال، فإن الحي إذا كان سميعًا بصيرًا أكمل من حي ليس كذلك كما أن الموجود الحي أكمل من موجود ليس بحي وهذا معلوم بضرورة العقل، وإذا كان كذلك فلو لم يتصف الرب تبارك وتعالى به لكان ناقصًا، ويتعالى الله عن كل نقص.

وهذا الاستدلال مبني على أن كل كمال ثبت للممكن المحدث وهو كمال محض لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهو ما كان كمالا للوجود غير مستلزم للعدم فهو جائز عليه وما كان جائزًا عليه من صفات الكمال فهو واجب له لأنه واجب قديم فهو به أولى من كل ممكن محدث.

وأيضًا لو لم يتصف تعالى بالسمع والبصر لكان السميع البصير من مخلوقاته أكمل منه ومن العلوم في بدائه العقول أن المخلوق المصنوع المفعول لا يكون أكمل من الخالق البارىء الصانع إذ الكمال لا يكون إلا بأمر وجودي والعدم المحض ليس فيه كمال وكل وجود للمخلوق فالله خالقه ويمتنع أن يكون الوجود الناقص مبدعًا وفاعلًا للوجود الكامل (١).


(١) انظر شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص (٨٥، ٨٦)، موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول له (١: ١٤، ١٥)، قاعدة في صفة الكلام له ضمن مجموعة الرسائل المنيرية المجلد الأول (٢: ٨٠، ٨١)، الإقتصاد في الإعتقاد. للغزالي ص (٩٩، ١٠٠).

<<  <   >  >>