للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالتهم بإثبات أن يديه مبسوطتان ينفق كيف يشاء (١).

وأيضا لا يجوز حمل اليدين في قوله تعالى: "لما خلقت بيدى" على القوة، كما يجوز في الأيدى في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد} (٢). وقوله: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} (٣). حملها على القوة لأن العرب تقول: ما لهم بذلك "أيد" أي قوة (٤).

يقول الهراس: "لفظ اليدين بالتثنية لم يعرف استعماله إلا في اليد الحقيقية ولم يرد قط بمعنى القدرة أو النعمة فإنهه لا يسوغ أن يقال خلقه الله بقدرتين، أو بنعمتين، على أنه لا يجوز إطلاق اليدين، بمعنى النعمة أو القدرة أو غيرهما إلا في حق من اتصف باليدين على الحقيقة ولذلك لا يقال للريح يد ولا للماء يد" (٥).

وإن سلمنا جواز استعمال "يدى" بمعنى القوة، وأن الله تعالى أرادها بقوله: "خلقت بيدى" أي بقوتى وقدرتى، فهو مناقض لقول من يدعيه، لأن المدعى لذلك لا يثبت لله تعالى قدرة واحدة فكيف بقدرتين.

ثم لو عنى الله تبارك وتعالى بقوله "خلقت بيدى" القدرة لم يكن لآدم عليه السلام على إبليس خصوصية يتميز بها. وقد أراد الله تعالى أن يرى إبليس أن لآدم فضل عليه وهو خلقه له بيديه دونه ولو كانت اليدين بمعنى القوة لم يكن لهذا التفضيل وجه، لأن أبليس أيضا قد


(١) انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة (ص ٨٦، ٨٧).
(٢) سورة الذاريات: آية (٤٧).
(٣) سورة ص: آية (٤٥).
(٤) انظر مختار الصحاح (ص ٧٤٢)، لسان العرب (٢٠: ٣٠٥) القاموس (٤: ٤٠٥).
(٥) شرح العقيدة الواسطية للهراس (ص ٥٦).

<<  <   >  >>