للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأحاديث الدالة على أن الله تعالى في السماء مباين لخلقه عال عليهم كثيرة جدا.

وفيما ذكرنا من الآيات والأحاديث المصرحة بالرفع إلى الله والفوقية له، والصعود والعروج إليه وكونه في السماء دلالة صريحة على أن الله تبارك وتعالى في السماء بذاته دون الأرض مستو على العرش.

يقول الدارمي: "فالله تبارك وتعالى فوق عرشه فوق سمواته بائن من خلقه فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبد. وعلمه من فوق العرش بأقصى خلقه وأدناهم واحد لا يبعد عنه شىء {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}. (١) سبحانه وتعالى عما يصفه المعطلون علوا كبيرا". (٢)

ويقول أبو الحسن الأشعرى: "فالسموات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السموات قال: أأمنتم من في السماء لأنه مستو على العرش الذي فوق السموات، وكل ما علا فهو سماء فالعرش أعلى السموات وليس إذا قال: أأمنتم من في السماء يعنى جميع السموات، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات ألا ترى أن الله عز وجل ذكر السموات فقال: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} (٣) ولم يرد أن القمر يملأهن جميعا وأنه فيهن جميعا، ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستو على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض". (٤)

في ذكرنا لقولي الدارمي والأشعرى بيان لمذهبهما في علو الله تعالى


(١) سورة سبأ آية (٣).
(٢) الرد على الجهمية للدارمي ص (١٨).
(٣) سورة نوح آية (١٦).
(٤) الإبانة للأشعري ص (٣١).

<<  <   >  >>