للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا هو مذهب السلف في صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه يفهمون معناها الذي تدل عليه ولا يكيفونها بما يعقلون من صفات المحدثين لعلمهم أن الله تبارك وتعالى لا يشبهه شىء من خلقه تعالى وتقدس عن صفات المخلوقين. ولا يؤولونها عن معانيها الظاهرة المتبادرة من ألفاظها إلا إذا ثبت عندهم أن هذا الظاهر غير مراد.

يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطى: "إنه ينبغى للمؤولين أن يتأملوا آية من سورة الفرقان وهي قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}. (١) ويتأملوا معها قوله تعالى في سورة فاطر {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}. (٢) فإن قوله في الفرقان {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} بعد قوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَن} يدل دلالة واضحة أن الله الذي وصف نفسه بالاستواء خبير بما يصف به نفسه لا تخفى عليه الصفة اللائقة من غيرها ويفهم منه أن الذي ينفى عنه صفة الاستواء ليس بخبير نعم والله هو ليس بخبير". (٣)

في كلام الشنقيطي بيان لخطورة تأويل الاستواء بغير ما يدل عليه حقيقة؛ لأن في ذلك مخالفة بوصف من وصف نفسه - وهو العليم الخبير - بغير ما وصف به نفسه.

ونرى بهذا القدر كفاية لبيان أن الله تعالى مستو علي عرشه بذاته، لا على معنى الاستيلاء، ولا على معنى نفى الاعوجاج وعلى هذين المعنيين رد الإمام ابن حزم ولا نخالفه في ذلك حيث إنا لا نرى صحة


(١) سورة الفرقان آية (٥٩).
(٢) سورة فاطر آية (١٤).
(٣) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشنقيطي (٢٦).

<<  <   >  >>