للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفهمت إذا إشارة الأستاذ لي بذلك. قال: فلما انصرفنا من الصلاة على الجنازة إلى المسجد مشاركة للأحباء من أقرباء الميت، دخلت المسجد فبادرت بالركوع فقيل لي: إجلس إجلس ليس ذا وقت صلاة، فانصرفت عن الميت وقد خزيت ولحقني ما هانت على به نفسي وقلت للأستاذ، دلني على دار الشيخ الفقيه المشاور أبي عبد الله بن دحون. (١) فدلني فقصدته من ذلك المشهد وأعلمته بما جرى فيه، وسألت الابتداء بقراءة العلم، واسترشدته فدلني على كتاب الموطأ لمالك بن أنس - رضي الله عنه - فبدأت به عليه قراءة من اليوم التالي لذلك اليوم ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة". (٢)

فهاتان الروايتان - عدم معرفته جبر الصلاة، وتحية المسجد - عن أبي محمد بن العربي لا تتفقان مع ما ثبت من تعلمه في صغره، وتلقيه الحديث مبكرًا.

وإن سلمنا عدم معرفته جبر الصلاة - بسجود السهو - لقلة وقوعه. فإن سياق قصة حياته ينافي جهله بتحية المسجد، وبجبر الصلاة - على معنى قضاء الفائت منها، أو اتمامها - لما أحاطه به والده من العناية. فقد عنى بتربيته وتعليمه فلا يعقل أن يتركه بدون معرفة


(١) كذا في معجم الأدباء. وهو أبو محمد عبد الله بن يحيى بن أحمد الأموى يعرف بابن دحون من أهل قرطبة. أخذ عن أبي بكر بن زرى، وأبي عمر الأشبيلى وغيرهما من جلة العلماء، وكان فقيها عارفا بالفتوى حافظًا للرأى على مذهب مالك عارفا بالشروط وعللها مشاورا فيها. توفى سنة ٤٣١ هجرية، انظر الصلة لابن بشكوال جـ ١ ص ٢٦٠.
(٢) معجم الأدباء لياقوت الحموى جـ ١٢ ص ٢٤١، ٢٤٢، وانظر تذكرة الحافظ للذهبي جـ ٣ ص ١١٥٠، ١١٥١.

<<  <   >  >>