للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} سورة الروم ٣٠-٣٢. قال ابن كثير في التفسير: "فسدد وجهك واستمرّ على الدين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملة إبراهيم, الذي هداك الله لها, وكملها لك غاية الكمال, وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها, فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده, وأنه لا إله غيره كما تَقَدَّم عند قوله تعالى: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ١.

وفي الحديث القدسي: "َإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ "، حيث طرأ على بعضهم الأديان الفاسدة كاليهودية والنصرانية والمجوسية، وكقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} ٢, قال بعضهم: معناه لا تبدلوا خلق الله فتغيروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها فيكون خبرًا بمعنى الطلب، وقال آخرون: هو خبر, ومعناه أنه تعالى ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة, لا يولد أحد إلّا على ذلك, ولا تفاوت بين الناس في ذلك, ولهذا قال ابن عباس وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك وابن زيد في قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} أي: لدين الله، وقال البخاري في قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} لدين الله, خلق الأولين, دين الأولين، الدين والفطرة الإسلام"٣.


١ الأعراف: ١٧٢.
٢- الروم: ٣٠.
٣ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم, ج٣/ ٤٣٢, من تفسير سورة الروم بتصرف. نشر مكتبة الدعوة الإسلامية. شباب الأزهر ١٤٠٠هـ / ١٩٨٠م.

<<  <   >  >>