وإنما يستقيم بناء الزوجية حين يتذكر الزوج أن الله قد جعل زوجته شريكة له، وخلقها من نفسه, وأعدها ليجد في رحابها الأمن والسكن، وجعل بينهما ألفةً ومودةً وتراحمًا ومحبةً {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، ومن واجب الرجل أن يتدبر ذلك، ويفكر فيه, ويعمل بمقتضاه حتى يقدِّر هذه النعم, وينتفع بها على الوجه السليم القويم.
ومن الخطأ الفاحش أن يظن الرجل أن زوجته ليست إلّا خادمة له يتصرف فيها كما يريد، بل يقول الرسول -صلوات الله وتسليماته عليه:"النساء شقائق الرجال" , ويقول القرآن:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} , فالزوج هو رجل البيت، وإليه ينسب الأولاد، وهو ولي الأسرة والناهض بتبعاتها، والمرأة هي شريكة حياته ومستودع سره وأم أبنائه، وراعية بيته وشئونه، فبينهما من الوشائج والذمم ما يجب أن يرعى ويصان.
وهذا هو القرآن الكريم يذكر المرأة حين يذكر الرجل، ويندبها معه إلى صفات الكمال ومحامد الفعال، وحسبنا هنا هذه الآية الكريمة التي عددت الصفات المميزة للأمة المسلمة, فأطلقتها على الرجال والنساء:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} . [الأحزاب: ٣٥] .
والقرآن يصرِّحُ بأن للمرأة ذاتيتها المتميزة وشخصيتها المستقلة؛ فهي مأمورة بأن تعمل، وهي موعودة من الله أن تنال الجزاء على هذا