العمل، وهو يصرح بأن الرجل من المرأة، والمرأة من الرجل؛ لأنهما من أصل واحد؛ لأن بينهما وثيق اتصال واتحاد, يقول:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران: ١٩٥] .
ولذلك كان من اللازم لسعادتها وسعادة من معهما أن يتعاونا معًا بصدق وإخلاص، ليحققا المعيشة الهانئة السعيدة، وليحفظا على الحياة الزوجية جلالها وجمالها، وعلى الأسرة كيانها واطمئنانها.
وأول الأمور التي يقتضيها التعاون بين اثنين هو أن يخفف كلٌّ منهما من غلواء أنانيته وأثرته، وينهنه من استجابته لأهوائه ورغباته، فكيف إذا كان هذا التعاون بين زوجين ارتبطا برباط الزواج المقدس بعد تفاهم وتآلف، وأصبحا قلبين متجاوبين، يعمران دارًا واحدة، ويسعيان في وجهة واحدة؟ ١.
من صدق التعاون بين الزوجين ألا يتطلع أحدهما إلى الاعتداء على حق الآخر واختصاصه أو ميدان عمله، ولقد رُوِيَ أن أم سلمة قالت للنبي -صلوات الله وسلامه عليه: ليت الله كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال، فيكون لنا من الأجر مثل حالهم، فقرأ قول الله سبحانه:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[النساء: ٣٢] .