للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب "القرآن", قال الولد: يا أمير المؤمنين؛ إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلًا "أي: خنفساء", ولم يعلمني من الكتاب حرفًا واحدًا, فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك، قد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك".

"صدق الشاعر في تشبيهه الولد أو الطفل بعامة بالنبت، ويشبه الأم الجاهلة الخالية من الدين والخلق بالصحراء التي لا ماء فيها، ومن ثَمَّ يكون النبت الناشئ بها شوكًا لا خير فيه، وفي المقابل يشبه الأم المؤدبة التي يزينها الخلق والدين، بالروضة الخصبة الغناء، فلا شك أن النبت بها سيكون نضرًا طريًّا يرجى خيره، فيقول:

وليس النبت في جنان ... كمثل النبت ينبت في الفلاة

وهل يرجى لأطفال كمال ... إذا ارتعضوا ثدي الناقصات١

وكما حرص الإسلام على توجيه نظر الشباب إلى اختيار زيجات قائمة على خلق فاضل ودين صحيح, فقد حرص كذلك على توجيه نظر الفتيات والنساء إلى اختيار وترجيح صاحب الخلق الفاضل، والدين الصحيح زوجًا لهن، وهذا هو الإمام الترمذي يروي لنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه خلقه فزوجوه, إلّا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" ولا ريب أن الفتنة والفساد، يدخل فيهما توريث الأب الفاسد الخالي من الخلق والدين، ما عنده من ضعف وفساد لأبنائه، ولو على أقل تقدير، بالقدوة وضرب المثل، حيث إن من شأن الصغار تقليد الكبار والنقل عنهم، وعند ذلك سيكون نقلًا أسود غير مأمون العاقبة"٢.


١ على عيد: كيف احتفى الإسلام بالطفل, مقال في مجلة رسالة الإسلام, تصدر عن المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية، العدد ١٤, رمضان ١٤١٧-يناير ١٩٩٧, ص١٦.
٢ المصدر السابق ص ١٧.

<<  <   >  >>