للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويروى أنه كان لشريح١ القاضي ابن يدع الكتاب ويذهب يلعب مع الصبيان والكلاب يهارش بها, فدعا شريح بداوة وصحيفة فكتب إلى مؤدبه:

ترك الصلاة لأكلب يسعى لها ... نحو الهراش مع الغواة الرجس

فإذا أتاك فخصَّه بملامة ... وعظه موعظة الأديب الأكيس

وإذا هممت بضربه فبدرة ... إذا ضربت بها ثلاثًا فاحبس

واعلم بأنك ما أتيت لنفسه ... مع ما يجرعني أعز الأنفس

وروى أبو الحسن الشيباني عن شيخ من أهل الكوفة قال: رأيت ابنًا لمسعر بن كدام٢ حدثًا وثب على مسعر، فعضَّ يده حتى تلوّى الشيخ من عضته، ثم رأيته من غدٍ متنكبًا فرسًا له مع شباب أهل الكوفة، فمرَّ بمسعر فقال مسعر: "لقد صنع بي بالأمس ما رأيتم، وما نفس أعز عليّ منه".

ويروى عن الأشجعي قال: كنا مع سفيان الثوري٣, فمر ابنه سعيد فقال: ترون هذا, ما جفوته قط، وربما دعاني وأنا في الصلاة غير مكتوبة فأقطعها له.


١ القاضي شريح من علماء الكوفة, ولي القضاء لعمر بن الخطاب وعثمان وعلي ومعاوية, ستين سنة إلى أيام الحجاج بن يوسف الثقفي, مات وعمره مائة وعشرون سنة.
٢ مسعد بن كدام الكوفي, من كبار أتباع التابعين, مات سنة١٥٣هـ.
٣ سفيان الثوري، أحد الأئمة الأعلام, كان يلقب بأمير المؤمنين في الحديث, وقال شعبة: إن سفيان ساو الناس بالعلم والورع "انظر السيوطي طبقات الحفاظ ص٨٨".

<<  <   >  >>