للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنزول إلى الطفل؛ لنعلب معه ونقدم له التحفة واللعبة، ونملأ الجو من حوله بالحب والحنان والرعاية من الأبوين والأسرة كلها، وتشمل هذه المرحلة السنين السبع الأولى من حياة الطفل.

فإذا ما بلغ عمره سبع سنين بدأت مرحلة جديدة هي مرحلة فيها شيء من الأدب والتأديب والحزم والتوجيه والتربية حتى يتعلم، وترتسم في نفسه ووجدانه قيم التربية السلمية في توجيه صادق ومتابعة وحزم، وأخذ الناشئ بشيء من القسوة أحيانا؛ ليزدجر وينتهي عن السوء والفحش:

... .. ... ومن يك حازما ... فليقس أحيانا على من يرحم

وفي هذه المرحلة يتدرب على الصلاة ثم الصوم، وكل ما في أسفار الأخلاق من مبادئ ومثل.

فإذا بلغ الرابعة عشرة بدأت مرحلة جديدة، مرحلة فيها تغيير كامل في سماتها وخصائصها ومنهجها، إنه يكن قد بلغ مرحلة يصح أن يصاحبه أبوه في رحلاته، ويتخذه صديقا يقربه منه ويستدنيه، ويعلمه مسالك الحياة وطرائقها، يغرس فيه غير قليل من الثقة في الغد وحسن التعامل مع الناس، كما يعلمه فنون الإعاشة من تجارة وصناعة وصيد وعلوم ومعارف، إنها مرحلة النضج وهي في حاجة إلى صديق، والأب لا بد أن يكون صديقا، ويكون قريبا من نفس ابنه ووجدانه؛ ليبنيهما بناء متوازنًا.

وإذا تعدى الناشئ هذه المرحلة آن لنا أن نثق فيه، وأن نتركه يشق طريقه في الحياة في اتزان وثقة، نراقبه من بعيد ونوجهه وننصحه إذا رجع إلينا، ونمده بالخبرة نجنبه المزالق إذا أراد وإذا رغب.

لقد أصبح رجلا يستطيع أن يدرك أمور نفسه ويعيها ويتبصرها، ويعرف ما يضره وما ينفعه، ويمز تمييزا جيدا بين ما يستطيع أن يتوجه إليه وما يمتنع عنه وأن يتسلح بالثقة والشجاعة الإقدام والعزم"١.


١- أ. د/ سعد ظلام، مقال بعنوان: كيف يربي الإسلام الإنسان على الاستقلال والإرادة من الطفولة ص١٧ من مجلة رسالة الإسلام العدد "٤١" سنة ١٤١٧هـ- ١٩٩٧م.

<<  <   >  >>