للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدقت، وقوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ١ أي: لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم, أي: بدَّلُوه وغيَّروه, وآمنوا ببعضٍ وكفروا ببعض، وقرأ بعضهم: فارقوا دينهم, أي: تركوه وراء ظهورهم, وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان وسائر أهل الأديان الباطلة مما عدا أهل الإسلام, كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} ٢ الآية. فأهل الأديان هنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومثل باطلة.

وكلة فرقة منهم تزعم أنهم على شيء, وهذه الأمة أيضًا اختلفوا فيما بينهم على نِحَلٍ كلها ضلالة إلّا واحدةً؛ هم أهل السنة والجماعة المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم, وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من قديم الدهر وحديثه, كما رواه الحاكم في مستدركه أنه سُئِلَ -صلى الله عليه وسلم- عن الفرقة الناجية منهم فقال: "من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي" ٣.


١ سورة الروم الآية ٣٢.
٢ الأنعام ١٥٩.
٣ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ج٣/ ٤٣٣.

<<  <   >  >>