للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل من أمتع ما نجده في تفسير بعض الآيات التي وردت مجملة في القرآن، ذلك التفسير المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته أو عن التابعين ومما يثير في النفوس دوافع الإعجاب والتعجب في الوقت نفسه أن هذه الآيات أو تلك كانت معلومة لدى العارفين بالقرآن على نحو قصصي واقعي مفصل كما جاء مثلا في تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: ١٧٦] .

فهذا الأمر من الله في الآية أن يقص النبي صلى الله عليه وسلم على الناس خبر ذلك الرجل الذي أضله الله على علم ولم ينفعه علمه فصار مثلا يضرب للناس، وكان عبرة لمن ذكب بآيات الله فما الذي تعلمه صحابة رسول الله من هذه القصة؟

يقول ابن عباس: هو رجل من المتقدمين في زمن بني إسرائيل يقال له: بلعام -وكان يعلم اسم الله الأكبر- ولما نزل موسى بالجبارين ومن معه، أتاه -يعني بلعام- بنو عمه فقالوا: يا بلعام، إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه، قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله ما كان عليه.

وروى ابن كثير بسنده عن سالم أبي النضر أنه حدث أن موسى عليه السلام لما نزل في أرض بني كنعان من أرض الشام أتى قوم بلعام إليه فقالوا له: هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من

<<  <   >  >>