للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القصوى، وأن لا يلجأ إلى الضرب إلا بعد التهديد والوعيد وتوسط الشفعاء.. لإحداث الأثر المطلوب في إصلاح الطفل، وتكوينه خلقيًّا ونفسيا١.

"ويحدثنا الغزالي عما يسميه علماء النفس بتدعيم السلوك الحسن أو أسلوب التدعيم والتعزيز من خلال مكافأة الأطفال وإثابتهم على السلوك الحسن، يقول الغزالي في ذلك: "ثم مهما ظهر من الصبي خلق جميل، وفعل محمود، فينبغي أن يكرم عليه ويجازى عليه بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة، فينبغي أن يتغافل عنه، ولا يهتك ستره، ولا يكاشفه ولا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحد على مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة، فعند ذلك إن عاد ثانيا، فينبغي أن يعاتب سرًّا، ويعظم الأمر فيه، ويقال له: إياك أن تعود بعد ذلك لمثل هذا"٢.

وقد قرر ابن خلدون في مقدمته أن القسوة المتناهية مع الطفل تعوده الخور، والجبن، والهروب عن تكاليف الحياة، فمما قاله: "من كان مربَّاه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم، سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، حمله على الكذب والخبث خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة، ولذلك صارت له هذه عادة وخلقًا وفسدت معاني الإنسانية له".

وقد أسهب ابن خلدون في توضيح ما ينشأ من الأثر السيء، والنتائج الوخيمة، بسبب القهر واستعمال الشدة والعنف في الولد.


١ د. عبد الله ناصح علوان، تربية الأولاد في الإسلام، ج٢/ ٥٦٤.
٢ د. موسى محمود أبو حوسة، تصور الغزالي لعملية التنشئة الاجتماعية، مجلة دراسات، المجلد الثامن عشر "أ"، عمان، الأردن، ص٢٢٣.

<<  <   >  >>