للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: "إن من يعامل بالقهر يصبح حملا على غيره، إذ هو يصبح عاجزًا عن الذود عن شرفه وأسرته لخوله من الحماسة الحمية على حين يقعد عن اكتساب الفضائل الخلق الجميل.. وبذلك تنقلب النفس عن غايتها ومدى إنسانيتها". وهذا الذي ذكره ابن خلدون يتفق كل الاتفاق مع التوجيه النبوي الذي سبق ذكره في الملاطفة والرفق واللين، وينسجم تمامًا مع المعاملة الرقيقة الرحيمة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل عليها الأولاد جميعًا، ويتلاءم أيضا مع المعالجة الحكيمة التي كان عليه الصلاة والسلام يعالج بأسلوبها مشاكل الناس، وأبناء المجتمع على اختلاف أعمارهم، وتباين طبقاتهم.. بل كان رجال السلف وأصحاب المناصب العالية يأخذون أولادهم بالحكمة والرفق واللين.. ولا يلجؤون إلى العقوبة الشديدة إلا بعد اليأس من استعمال أسلوب الموعظة والتأنيب.

ومما ترويه كتب التاريخ أن الخليفة الرشيد طلب إلى "الأحمر" مؤدب ولده ألا يدع ساعة تمر دون أن يغتنم فائدة تفيده من غير أن تحزنة فتميت ذهنه، وألا يمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، ويقومه ما استطاع بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليه بالشدة والغلظة.. والأمثلة على ذلك كثيرة ومستفيضة.

الذي نخلص إليه بعدما تقدم أن على المربي أن يكون حكيمًا في استعمال العقوبة الملائمة التي تتفق مع ذكاء الطفل وثقافته ومزاجه، كما عليه ألا يلجأ إلى العقوبة إلا في مرحلتها الأخيرة.

<<  <   >  >>