للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجناح الثاني وهو التعليم الكوني "الدنيوي".

والكارثة التي نحن فيها الآن هي أننا نحاول الطيران بجناح واحد هو التعليم الكوني. وأهملنا الجناح الأول وهو أقوى الجناحين، وينبغي ألا نتعامى عن حقيقة مترسبة في أعماق كل مسلم إزاء هذا التفوق الزائف الذي خرجت به علينا الدول التي نسميها "الدول المتقدمة" هذه الحقيقة هي عقدة نفسية متأصلة اسمها عقدة الانبهار؛ فنحن ننبهر لكل اختراع يأتينا من قِبل تلك الدل، ونشعر معه باليأس والإحباط والتخلف، وهذا عيب كبير يجب أن نتدراكه ونعمل على محوه.

قال المولى عز وعلا: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} ١. فطالما أن الله قد جمع لنا في القرآن كل شيء، فلماذا ننخدع بهذا الزيف الذي هو من صنع الإنسان الذي وصفه الله بأنه أكثر شيء جدلا؟ لا ينبغي لنا أن ننظر بعين الإكبار للتقدم الزائف الذي تعمى به أبصارنا الدول المسماة بالمتقدمة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآن ثم رأى أن أحدًا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله تعالى"٢.

وحاشا لله، أن نعظم علمًا غير علم القرآن، وهل هناك في هذه العلوم التي يطلع به علينا الغرب من يستطيع أن ينادي فيصل صوته إلى الآفاق كما نادى عمر بن الخطاب على جيش المسلمين الذي كان في فارس: يا ساريةُ الجبلَ، وهل هناك عالم يستطيع أن ينقل عرش "بلقيس" الذي نقله في أقل من طرفة عين الذي عنده علم من


١ سورة الكهف آية رقم ٥٤.
٢ الغزالي: إحياء علوم الدين ج١/ ٢٧٩، كتاب آداب تلاوة القرآن.

<<  <   >  >>