للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا فإنه لا صحة للدعوى التي تزعم أن الإسلام يحول دون التمتع بثمار الحضارة الحديثة، فمنتجات الحضارة الحديثة لا يمكن أن يكون لها جنسية أو دين أو وطن، وإنما هي ملك للبشرية؛ لأنها إنتاج بشري عام، وإنما الهدف من استخدامها هو الذي يتأثر بهذه العوامل، فهذه الوسائل جميعا لا عنوان لها، ولكنها تكتسب عنوانها من استخدامها في هدف دون آخر، وبالتزامها بغايات سامية وتحقيقها لمثل وأهداف رفيعة سواء في ذلك السلاح العسكري أو الوسيلة الثقافية أو الفكرة الاجتماعية أو السياسية، فالإسلام لا يصادر على الأفكار الصالحة ولا يقف دون التفاعل معها؛ إذ كل تجربة إنسانية صالحة يمكن أن يتحاور معها، فيأخذ منها ما يتفق وغاياته، ويطرح ما دون ذلك.

وأما إذا كانت الحضارة عند هؤلاء تعني التحلل من القيم وإهدار المثل والانسياق وراء التهتك والانحلال ومعاقرة الخمر والميسر والتقليد الأعمى للسلوك المنحرف والعبودية والخنوع للغزو الفكري الأجنبي، والاكتساء بقشرة الحضارة الغربية من أجل أن نبدو متحضرين وتقدميين؛ فإن الإسلام حينئذ؛ حفاظًا على شخصيتنا الحضارية ومقومات وجودنا- يقف في وجه هذا المنكر ويقيم نفسه حاجزًا بين أبنائه وبين التردي في تلك المهاوي١.


١ المصدر السابق ص١٠٨، ١٠٩.

<<  <   >  >>