للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما بدأت الفتوحات الإسلامية وانتشرت رقعة الإسلام, جَدَّ الصحابة والتابعون في ترسيخ الإسلام عقيدةً وشريعةً في نفوس الناس, فبرزت الكتاتيب بصورةٍ واضحة, وتعددت مدارس التعليم في البصرة، والكوفة، والفسطاط, والقيروان, حتى انتهت إلى القمة في القرنين الثالث والرابع الهجريين, فقد رُوِيَ عن غياث بن أبي غياث أنه لما كان طفلًا كان في الكُتَّابِ, فكان الصحابي سفيان بن رحب يزور كتّابهم, ويلاطف الأطفال, ويدعو لهم بالفتوح والبركة١.

وقد ظهرت كتب خاصة بآداب المعلِّمِ والمتعلِّم, وأول ما وصلنا من هذه الكتب: كتاب آداب المعلمين لمحمد بن سحنون "ت٢٥٦"٢, الذي يعتبر رائدًا في هذا الميدان؛ حيث تناول فيه أبوابًا كثيرة, وأهمها هو ما يتعلق بتعليم القرآن العزيز, وما جاء في العدل بين الصبيان, وكيفية محو الصبيان خطوط القرآن من ألواحهم, وما جاء بالأدب بالكلام أو بالضرب, وما يجب على المعلِّم من لزوم الصبيان، وما جاء في إجازة


١ مقدمة كتاب آداب المعلمين ص "٦٣".
٢ هو محمد بن سحنون: عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي, ولقب أبوه بالسنحون لحدة ذكائه، فقد كان إمامًا ثقة عالمًا بالمذهب المالكيّ وبالآثار، جمع فنون العلم, وألَّفَ في جميع العلوم وفي المغازي والسير, وُلِدَ بالقيروان سنة "٢٠٢هـ" وتأدَّب بأبيه", وتفقَّه عليه, ثم رحل لأجل العلم حتى جمع فأوعى, ثم ألَّفَ مؤلفات كثيرة في كثير من العلوم, وتوفي سنة "٢٥٦هـ" ودفن بالقيروان.
انظر ترجمته في: الديباج المذهب في معرفة أعيان لمذهب ط: القاهرة سنة "١٣٥١ هـ" ص "١٦١-١٦٦" والمدارك للقاضي عياض, ط: الجامعة التونسية سنة ١٩٦٨م، ص"١٧١".

<<  <   >  >>