للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"رجال الدين" الإسلامي المحترفين كانوا يقومون بمثل هذا الدور في استرضاء ذوي السلطان على حساب الكادحين من الشعب وكانوا يمنونهم بالجنة التي أعدت للصابرين؛ ليرضوا عما هم فيه من ظلم وهوان ويدعونهم إلى طاعة أولي الأمر منهم مؤولين آيات القرآن الكريم؛ لتتفق وغايتهم.

ثم يخلطون بهذه الحقيقة شبهة مؤادها أن الإسلام نفسه يأمر بهذا الفحش؛ إذ يقول: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ١، أو حينما يقول: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ٢. ومن ثم فالإسلام عندهم شأنه شأن غيره من الأديان التي تدعم الأمة الإقطاعية والرأسمالية أفيون يخدر الكادحين٣ بل وتعاليمه نفسها تأمر بهذا الغبن والاستغلال! {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} .

ونحن لا ندافع هنا عن سلوك رجال الدين الذين أساءوا إلى الإسلام وإنما نفرق فحسب بين أن يكون سلوكهم هذا بإيحاء من الدين أو أنه فسوق منهم عن أمر الدين. فالذي لا شك فيه أنه فسوق منهم عن أوامر الدين متاجرة به، وهم لا يختلفون في ذلك عن كثير من الشعراء والكتاب والإعلاميين الذين عفروا جباههم بالتراب، ومرغوا الثقافة الفنون في الوحل من أجل متاع حرام، وإن كان "رجال الدين" أفدح جرما؛ لأن كتاب الله بين أيديهم وهم يشترون به وبآياته ثمنًا قليلًا. والذي نريد أن نؤكده أن ليس في الإسلام رجال دين ولا كهنوت، وأن ما يقوله من يسمون أنفسهم برجال


١ سورة النساء: آية ٣٢.
٢ سورة طه: آية ١٣١.
٣ د/ النعمان عبد المجيد القاضي، الإسلام عقيدة حياة ص٧١.

<<  <   >  >>