للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك عرفنا أن المسلمين بسبب محركِهم الأساسي: القرآن والسنة, لم يهملوا هذا الجانب الهام في حياة الأمة, وهو الاهتمام بطرائق تربية الأطفال, والبحث عن أنجح الطرق والمناهج انطلاقًا من أنه لا حضارة بغير علم, ولا علم بغير تعليم, ولا تعليم بغير نظام معيِّنٍ ينظِّمُ الصلة بين المتعلِّم والمعلِّم, ولذلك انتشر الإسلام لا بالسيف وإنما بالعلم واستعمال الحكمة في كيفية إيصاله إلى الناس؛ فقد تفجَّر هذا الينبوع في وادٍ غير ذي زرع عند بيت الله الحرام, الذي كانت قلوب الناس تهوي إليه, فلم يلبث أن أصبح فيضًا غَمَرَ الجزيرة العربية, وغيثًا جاوزها في سرعة عجيبة خارقة ليعمَّ أقطارًا كثيرة في آسيا وإفريقية وأوروبا, "والمؤرخون يعلمون بأن انتشار الإسلام بهذه السرعة ظاهرةٌ فريدةٌ في التأريخ البشري كله، وبعضهم لا يكاد يجد لها تعليلًا يقبله الفكر في سهولة ويسر"١. فقد كان شغل الفاتحين المسلمين الشاغل هو الإسلام, فظهرت على أيدي الصحابة الكرام وتابيعهم مدارس العلم في العالم الإسلامي أجمع.

فما أحوجنا اليوم إلى العودة إلى هذا التراث الضخم، وما أحوجنا اليوم إلى الأخذ بطرق السلف في التربية والتعليم, والتزكية والتصفية، وإنه ليوم قريب -إن شاء الله تعالى"٢.


١ أطلس التأريخ الإسلام ط, مكتبة النهضة المصرية سنة ١٩٥٤م, مقدمة الجزء الثاني عشر، وراجع: مقدمة الدكتور محمود عبد المولى لكتاب آداب المعلمين, ص "٢٢".
٢ إلى هنا ينتهي كلام الأستاذ علي محيي الدين على القره داغي, من مقاله في التعريف برسالة "أيها الولد" لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي, ص٣٢, نشر دار الاعتصام سنة ١٩٨٣م، بتصر طفيف.

<<  <   >  >>