للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت المرأة في الجاهلية تمرُّ بين الرجال كاشفةً صدرها, لا يورايه شيء, وربما أظهرت عنقها، وذوائب شعرها وأقرطة أذنها, كانت تفعل ذلك لأن قانون الجماعة لا يحرمه، وعُرْف البيئة لا يمنعه، حتى جاء أمر الله -سبحانه وتعالى، ونزل توجيهه لتربية الأمة الإسلامية, قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} ١.

فامتثل النساء لتوجيه الله وهديه، ولم تمتنع منهن واحدة عن الخضوع لأمر الله، وانقلب رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله، فيتلو الرجل على زوجته وابنته وأخته, وعلى كلِّ ذي قرابة, فما منهن امرأة إلّا قامت إلى مرطها فاعتجرت به تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتابه, فأصبحن وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتجرات٢.

عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: ما أرى كل شيء إلّا الرجال, وما أرى النساء يذكرن بشيء؟ فنزلت هذه الآية: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} ٣.

يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه:

كنت صاحب خمر في الجاهلية، فقلت: لو أذهب إلى فلان الخمّار فأشرب، وظلّ عمر يشرب الخمر في الإسلام حتى نزل قول الله


١ سورة النور: آية رقم ٣١.
٢ الترمذي، جامع الترمذي, ج٥, ص٣٥٤, حديث رقم ٣٢١١.
٣ الأحزاب: آية ٣٥.

<<  <   >  >>