للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يحبونه لأخواتهم، أفتحبه لعمتك قال: لا والله يا رسول الله, جعلني الله فداءك, قال: "وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم, أفتحبه لخالتك قال: لا والله يا رسول الله, جعلني الله فداءك؟ قال: "وكذلك الناس لا يحبونه لخالاتهم".

قال: فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده عليه, وقال: "اللهم اغفر ذنبه, وطهر قلبه, وحصن فرجه".

قال: فلم يكن بعد ذلك يلتفت إلى شيء, وقال: فوالله ما همتْ نفسي بمعصية من ذلك النوع إلّا ذكرت أن يفعل بأمي أو بزوجتي أو بابنتي فأمتنع.

إذن فالرسول -صلى الله عليه وسلم- واجه بتشبيع المسألة من أقرب طريق يتصل به، وبكرامته، وبعواطفه، وبمكانته، وبمقامه, فإذا ما أراد أن يفعل ذلك تذكَّر ما يمكن أن يفعل به"١.

وبهذا الأسلوب المقنع عالج الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا من الرذائل التي تفشَّت في العرب, لا سيما القتل، إذ انتشرت بينهم جريمة القتل والاعتداء على النفس, وربما تتحول إلى وقوع الحروب بين القبائل لأتفه الأسباب, ولم يكن لهم قانون يقضي على هذه الجريمة, ويوقف هذا النزيف الدموي, حتى جاء الرسول الكريم فأوقف هذا النزيف بتربية القرآن لهم؛ حيث يقول الله -سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: ٣٣] , وبتربيته لهم -صلى الله عليه وسلم؛ إذ بيَّن لهم الحق الذي تزهق به النفوس في قوله عن ابن مسعود -رضي الله عنه: "لا يحل دم امرئٍ مسلم إلّا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس


١ جريدة الأهرام, ملحق الجمعة بتاريخ ٢ يناير ١٩٩٨, مقال بعنوان "هكذا يتكلم الشعراوي- المنهج التربوي في الإسلام- ص١٠.

<<  <   >  >>