للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مائة ألف إنسانٍ من رجل أو امرأة, كلهم قد روى عنه سماعًا أو رؤية١.

وهؤلاء الصحابة قد شهد الله لهم بصدق حديثهم وطهارتهم, فعدَّلهم في قرآنه, ووصفهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس, ولهذا يقول أبو بكر الخطيب البغدادي في باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة:

"كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم, لم يلزم العمل به إلّا بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن"٢.

فمن ذلك قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ، وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} . [البقرة: ١٤٣] .

وهذا اللفظ وإن كان عامًّا فالمراد به الخاص، وقيل: هو وارد في الصحابة دون غيرهم٣، وقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} ، وقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ، وقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وقوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ


١ ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة, ج١/ ٣، دار الكتب العلمية، بيروت, نسخة طبق الأصل عن النسخة المطبوعة سنة ١٨٥٣ في بلدة كلكتا.
٢ الخطيب البغدادي: كتاب الكفاية في علوم الرواية, ص٩٢.
٣ المصدر السابق ص٩٣.

<<  <   >  >>